خلعت عباءتها، وإرتدت أحدث الأزياء، هي شخصية جدلية، أثارت حفيظة كثيرين من خلال مقالاتها الصحافيّة، وأيضا من خلال إطلالتها كمذيعة وناشطة نسائيّة سعوديّة.
هكذا قدم أحد الصحافيين لحوار لا تنقصه الجرأة على الدين والقيم والفضيلة، مع إحدى بنات مجتمعنا، وهي موضة جديدة، ترتكبها أي فتاة تمرّدت على قواعد الشريعة، ثم راحت تسوِّغ لانحرافاتها، مستحضرة عدداً من النصوص الشرعيّة، تضعها في غير مواضعها.
والعجيب أنّ هؤلاء يمثّلون جوقة واحدة إنطلقت في زمن متقارب، حتى لتقول: إنّهم كانوا كامنين وراء أكمة الحذر قبل فترة، وفجأة أزاحوها، وإنطلقوا يمتطون بعض منابر الفضائيات والصحافة، ليرغموا المجتمع على الرضا التامّ بمنطلقاتهم الجديدة.
في هذا الحوار العائم فوق زئبق نفسيّ مضطرب، نواجه فتاة نبتت في أرضنا، في بيئة منزليّة ألف أفرادها الخروج عن بعض الأحكام الشرعيّّة منذ وقت مبكر على الأقل ممّن أدركتهم هذه الفتاة، نجد نمطاً متعديّاً لحواجز لا يزال المتغربون يحافظون عليها أمام أنظار المجتمع الناقد، بينما هي ترى أنّها لم تعد تنزعج من الإنتقادات التي تطالها، بل ترى أنّها تدلّ على مدى تأثيرها في الكاتبين.
لقد رفضت هذه المذيعة حتى ارتداء الشيلة حين طلب منها مدير المحطة الفضائيّة التي تظهر فيها ذلك، بإعتبارها رمزاً للفتاة الخليجيّة، أي ليس بإعتبارها واجباً شرعياً، وصدق فهي لا تمثّل الحجاب الشرعيّ الواجب على المرأة المسلمة في أقلّ ما هو محل إتفاق للعلماء، وهو ستر ما عدا الوجه والكفين، والذي تكافح المرأة المسلمة في فرنسا وتركيا وأوربا وبعض البلاد العربية من أجله، بينما الإختيار الشرعيّ لعلمائنا الأجلاء في السعودية هو ستر المرأة كلّها عن أعين الأجانب عنها، وعلّلت رفضها لذلك، بأنّ رمز ابنة الخليج هو حريّة الملبس، وأنّ من حقّها أن تلبس الحجاب وأن ترفضه، وأنّها لم تعد تتذكّر متى ارتدت العباءة، لبعد الزمن، ثمّ بدأت تفتي بأنّه لا يوجد في القرآن الكريم ما يلزم بها.
ولعلّها نسيت مع العباءة آية:{ولا يبدين زينتهن إلا...}. وآية: {يدنين عليهن من جلابيبهن}، وغيرهما.
ثم فاجأت الإعلاميّة البارزة قرّاءها بأنّها علمانيّة بكلّ صراحة، وأنّها تفصل بين الدين والحياة، فالدين بالنسبة لها مسألة شخصيّة، وأنّها: ضدّ خلط الشريعة بالقوانين.
ولعلّها نسيت كذلك قول الله تعالى: {قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له}.
وترى الكاتبة المتحرّرة أنّ المجتمع السعوديّ في تراجع ونكسة، وإستشهدت بأنّ جدّتها كانت في الخمسينيّات ترتدي المني جوب، وأنّ والدتها كانت تسافر بلا محرم، وأنّ جارها كان يتحدّث بشكل طبيعيّ مع جارته، وكأنّها تستشهد بنصوص شرعيّة تذعن لها النواصي والألباب، ولكنّها بذلك تكشف لنا الغطاء الداخليّ لتمرّدها على دينها ومجتمعها.
والهجوم على المحرم المتكرّر من أمثالها، تمهيد واضح للمطالبة برفع الحماية الشرعيّة عن المرأة، وتركها عرضة للصوص الأعراض، الذين يروّجون لهذه الفكرة على ألسنة النساء.
يقول الرسول صلّى الله عليه وسلّم: «لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر ثلاثاً إلا ومعها ذو محرم» رواه البخاري ومسلم.
وبدلا من أن تكتفي بحكم غيرتها الطبيعيّة أن تكون زوجة أخرى، تهاجم حكم التعدّد المشروع، وترى أنّها خيانة في أوراق رسميّة، موثّقة بعقود..! {اكبرت كلمة تخرج من أفواههم إن يقولون إلا كذب}، هل وصل الأمر إلى أن يوصف تشريع قرآنيّ صريح بأنّه خيانة؟! هل نسيت كذلك قوله تعالى: {فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع}؟!
ولكنّ الإنسان ينسى بدوافع نفسيّة أكثر منها ذهنيّة، فهي ترى أنّ المرأة السعوديّة تعاني من أهواء الفتاوى الدينيّة، وأحكام القضاة في المحاكم!! فالمفتون في بلادنا أصحاب أهواء، وأمّا القضاة فظلام للمرأة في نظر الكاتبة الـ!!!
وقد أحسن المحاور حين سألها عن طفولتها فصرّحت بأنّها كانت تفكر في الهروب منذ طفولتها، وأنّها كانت تحلم بالسكن لوحدها، فهل هي حالة شاذّة، وإضطراب نفسيّ، له مقدّماته وظروفه؟ أم أنّها حلقة من سلسلة يتابعها علينا قوم يتحدّثون بألسنتنا، ولكنّهم يحملون قلوب غيرنا؟
ومع ذلك فلن ننسى نحن أنّ هذه المرأة وأمثالها يقدّمها الإعلام الآن أنموذجا لبناتنا؟!!
الكاتب: د.خالد بن سعود الحليبي.
المصدر: موقع رسالة المرأة.